لا يوجد خلاف أن العلاقات الإقتصادية والإجتماعية والثقافية ما بين كل من المملكتين السعودية والبحرينية يمتد عمرها لعقود عديدة. وتعود قوة هذه العلاقة الثنائية إلى عدة أسباب أهمها أن المملكة العربية السعودية تعتبر أقرب بلد إلى جزيرة مملكة البحرين الرئيسية، بل أن المملكتين متصلتين بريًا عبر جسر الملك فهد الممتد فوق مياه الخليج بينهما على طول 25 كيلومتر. وتظهر قوة هذه العلاقات بوضوح في المشاريع العديدة الكبرى التي تجمع ما بين البلدين، ولعل أبرز هذه المشاريع الحديثة هو مشروع مدينة الملك عبد الله الطبية الجاري بناؤها في مملكة البحرين.
ويتم تمويل المشروع عبر منحة تصل قيمتها إلى نحو مليار ريال سعودي (265 مليون دولار) مقدمة من الراحل الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود والذي تم تسمية المدينة على إسمه. وتقع المدينة داخل جزر درة البحرين الإصطناعية بالقرب من الساحل الجنوب غربي لمملكة البحرين. وتمتد مساحة المدينة لنحو مليون متر مربع من الأرض والتي تبرع بها الملك حمد ملك البحرين للمشروع. وتهدف هذه المدينة بشكل أساسي إلى توفير خدمات الرعاية الصحية المتطورة لسكان وزائري المحافظة الجنوبية للمملكة.
محتويات مدينة الملك عبد الله الطبية:
بدأت أعمال تطوير مدينة الملك عبد الله الطبية في شهر يوليو من عام 2018، وسوف يتم تطوير المشروع على مرحلتين:
المرحلة الأولى:
تشمل المرحلة الأولى من المدينة بناء وتطوير ثلاث مباني: أول المباني هو مستشفى تعليمي متكون من 8 أدوار تصل سعته إلى 288 سرير تقريبًا، ومبنى عيادة خارجية متكون من ثلاثة أدوار والمبنى الأخير يتضمن خدمات ومرافق أخرى مثل المشرحة والمطاعم وغيرها.
وسوف تشتمل المستشفى على أقسام رئيسية للجراحة والأطفال والنساء والتوليد، حيث أن الأسرّة التي سوف يحتوي عليها المستشفى ستتضمن 144 سريرًا للجراحة الطبية و36 سريرًا لقسم النساء والتوليد و24 سريرًا لحضّانات الأطفال و36 للعناية المركزة و12 غرفة لحالات الولادة و24 سريرًا للأطفال. بالإضافة إلى ذلك، فإن المرحلة الأولى سوف تتضمن مركز طبي أكاديمي ومساكن للعاملين بالمدينة ومساحات مخصصة للسيارات ومتجر كبير.
المرحلة الثانية:
وسوف تتضمن المرحلة الثانية من مدينة الملك عبد الله الطبية زيادة سعة المستشفى إلى نحو 500 سرير. إلى جانب هذا، فإن المرحلة الثانية ستشهد بناء العديد من مرافق الرعاية الصحية منها مركز لمعالجة الإدمان وفندق ملحق بالمستشفى يتسع لمئة زائر ومركز أبحاث طبي مجهز بأحدث المعدات الطبية والعلمية والأدوات البحثية وسوف يتم تكريس هذا المركز لتطوير حلول لأكثر الأمراض إنتشارًا في منطقة الخليج العربي مثل السمنة والسرطان وغيرهما.
ولا نغفل ذكر أن المرحلة الثانية من المدينة سوف تشتمل على تطوير عدد من المرافق الغير مخصصة للرعاية الصحية مثل مسجد ودور حضانة للأطفال وغيرها.
تطوير بنية المدينة التحتية:
مدينة الملك عبد الله الطبية، مثلها مثل أي مشروع آخر بنفس الحجم، سوف تتضمن مرافق وخدمات البنية التحتية الخاصة بها مما يساعدها على تحقيق الإستدامة. وتتضمن مرافق البنية التحتية للمدينة بناء وتشغيل محطة توليد كهرباء يصل جهدها إلى نحو 66 كيلو فولت ومصارف لمياه الأمطار والصرف الصحي ومحطة لمعالجة مياه الصرف الصحي تصل قدرتها الإنتاجية إلى حوالي 500 متر مكعب يوميًا وخزانات لجمع المياه بالإضافة إلى شبكات الطرق الداخلية والخارجية ومرافق كثيرة أخرى.
كلية الطب:
وتعد هذه أحد أهم ما يميز مشروع مدينة الملك عبد الله الطبية. فحرم جامعة الخليج العربي الشهيرة والتي تشترك في إدارتها جميع دول مجلس التعاون الخليجي يقع في حي السلمانية في مدينة المنامة عاصمة البحرين. وقد تم الإعلان أنه سوف يتم نقل حرم كلية الطب التابعة للجامعة إلى مدينة الملك عبد الله الطبية. ومن الجدير بالذكر أن كلية الطب السالف ذكرها تضم حاليًا ما يزيد عن ال400 طالب.
مراحل تطور المشروع:
كما ذكرنا من قبل، فإن أعمال تطوير مدينة الملك عبد الله الطبية بدأت بالفعل في شهر يوليو من عام 2018، وقد اكتملت أعمال ما قبل البناء التحضيرية الآن. وطبقًا لتصريحات خالد العوهلي، رئيس جامعة الخليج العربي، فإنه من المخطط أن يتم طرح عقود بناء المدينة في مناقصة في بداية عام 2019. وأكد العوهلي أيضًا على أن أعمال بناء المدينة سوف تكتمل حسب الجدول الموضوع لها في عام 2020.
أهمية مشروع مدينة الملك عبد الله الطبية:
مع كل المزايا والخصائص المجتمعة في مشروع مدينة الملك عبد الله الطبية، فإنه من المتوقع أن يساعد هذا المشروع في دفع مكانة مملكة البحرين كأحد أهم مراكز السياحة العلاجية العالمية إلى الأمام خاصة مع إطلاق وتطوير مشاريع أخرى مماثلة مثل مشروع حي دلمون الصحي في جزيرة دلمون وغيره.
لهذا، فمن المتوقع أيضًا أن يساعد هذا المشروع على جذب إهتمام وإستقطاب العديد من المستثمرين العالميين إليه وإلى مملكة البحرين بشكل عام.