النمو غير النفطي لاقتصاد البحرين

لا شك أن هبوط أسعار النفط، الذي بدأ في 2014، جعل الكثير من الدول تغبط مملكة البحرين حيث أثرت الكارثة على عدد من العائلات التي لا تُعد ولا تُحصى داخل وخارج مجال البترول. وفي الوقت الذي شعرت فيه معظم البلدان ذات النشاط النفطي باليأس وقلة الحيلة واعتبروا أنفسهم ضحايا أزمة النفط، قامت مملكة البحرين على الفور باللجوء إلى ما توفر لديها من موارد، فعلى الرغم من أن البحرين قد لا تتمتع بعددٍ كبير من الموارد الطبيعية إلا أنها نجحت في توظيف ما لديها من قليل الموارد لإنقاذ اقتصادها.

الموقع

1

تتمتع البحرين بموقع مركزي حيث يمكن الوصول إليها عبر البر أو البحر أو الجو، ولا يفصل بينها وبين المملكة العربية السعودية، التي تُعد السوق الكبرى في المنطقة، إلا جسر الملك فهد الذي يمتد على مسافة 25 كيلومتر. ويلعب موقعها دوراً كبيراً في النمو غير النفطي للاقتصاد البحريني من خلال التجارة والسياحة والخدمات اللوجستية وخامات التصنيع. ووفقاً لمجلس التنمية الاقتصادية في البحرين فإنه “يتم إعفاء التصنيع واستيراد المواد الخام والآلات وقطع الغيار من دفع 5% رسوم جمركية” و”دخول البضائع المُعفاه من الجمارك يُطبق على البلاد الآتية: دول الخليج والولايات المتحدة الأمريكية وسنغافورة والأربعة عشر دولة عربية والنرويج وسويسرا وأيسلاندا وليشتنشتاين.” كما أن مناطق البحرين الحرة – وهي منطقة البحرين اللوجستية ومطار البحرين الدولي ومنطقة البحرين العالمية للاستثمار – ليست عليها قيود لأنها لا تطبق أية ضرائب ولا تُطبق رسوم جمركية على البضاعة البحرينية التي يتم تصديرها لبقية دول الخليج كما أن الرسوم الجمركية تكون إما قليلة جداً أو لا يتم تطبيقها نهائياً.

العقارات

2

أصبحت سوق العقارات بالبحرين تحت الأضواء بعد أزمة النفط التي بدأت في 2014 وقد أصبح أحد أكبر مُنقذي اقتصاد الدولة عندما هددته أزمة النفط. أدى ذلك إلى تركيز البحرين على بناء سوق عقارات يُمكن الاعتماد عليها كبديل لموردها الطبيعي الأول. وعلى المستوى السكني، يُعد مستوى المعيشة في البحرين سبباً في جذب الكثير من السياح لزيارتها والمغتربين للانتقال إلى البحرين، الأمر الذي نتج عنه نتائج مُرضية فيما يتعلق بتأجير وشراء الوحدات العقارية. وعلى المستوى التجاري، قامت المجمعات التجارية ومرافق التسلية والمطاعم والمجمعات الرياضية باستقطاب كلٍ من السكان المحليين والزائرين ولأن الجميع يحب قضاء وقت بالخارج، فقد أصبحت هذه المرافق مصدراً يُمكن الاعتماد عليه من قِبَل اقتصاد المملكة. كما أن مملكة البحرين تُعطي الأجانب الحق في امتلاك 100% من تجارتهم في بالإضافة إلى وجود رفاهية الدفع أقل بكثير من الكثير من البلدان الأخرى سواء لممتلكاتهم أو لبضائعهم.

السياحة

3

لم ينتج تشييد المؤسسات العقارية والتجارية عن انتعاش سوق العقارات فحسب، بل قام أيضاً بفتح الباب لسياحٍ أكثر ذوي أذواق مختلفة. وعلى الرغم من صغر حجمها إلا أن البحرين يوجد بها ما يليق بذوق كل سائح على اختلاف شخصياتهم، فهناك المراكز التجارية ودور السينما والمطاعم والفنادق والمنتجعات الفاخرة للسائحين الذين يحبون السفر للاستجمام والمتعة، كما يوجد أيضاً متحف البحرين الوطني وشجرة الحياة ومحمية العرين بالبحرين، على سبيل المثال لا الحصر، لمحبي السياحة الثقافية ومحبي الطبيعة. ولذلك، فعلى الرغم من أن البحرين كانت لديها بالفعل أماكن جذب للسياح، فإن إنشاء أماكن جذب جديدة، والتي تُمثل موارد بشرية جديدة للدولة، قد ساعد حتماً قطاع السياحة بصفة خاصة واقتصاد البلاد بصفة عامة.

الصناعات التحويلية

4

تُعَد الصناعات التحويلية إحدى الموارد غير النفطية التي نجحت البحرين في إضافتها لقائمتها. وبفضل ضرائبها القليلة ومنطقة البحرين اللوجستية ذات القيمة المضافة للاستيراد والتصدير والمُعفاه من الجمارك، نجحت البحرين في جذب عدد لا بأس به من المستثمرين الأجانب في القطاع الصناعي مثل شركة “مونديليز” (الولايات المتحدة الأمريكية) وإم تي كيو كوربوريشن (سنغافورة) وأبا حسين لألياف الزجاج (المملكة العربية السعودية) وآر إم إيه الشرق الأوسط ش.ش.و. (ألمانيا) وزيمنس (ألمانيا) وجيه بي إف (الهند). كما تفخر البحرين بإنشاء مصانع لعدد من الصناعات المُختلفة مثل صناعة الألومنيوم (ألومنيوم البحرين – ألبا) وصناعة الكيماويات (بحرين فارما) وصناعة البلاستيك (شركة بيج بوكسرز ذ.م.م.).

يشير كل ذلك إلى أن البحرين تعتزم النهوض كأمة رغماً عن أية عوائق قد تظهر دون سابق إنذار كأزمة النفط. ولم يكن شيئاً كهذا سينجح إن لم يكن كلٍ من الشعب والدولة قد عملوا بجد من أجل وطنهم فما أكثر الأمم التي يعمل أبناءها بجد دون أن ترى أي مؤشراتٍ لاستقرار اقتصادها بسبب أن حكوماتهم لديها أهداف أخرى، ولكن البحرين قد أصبحت مثال حي للنجاح إن عزم الشخص على ذلك حتى وإن لم يكن معه ما يساعده إلا القليل.