أجرى فريق شركة ويتاس مقابلة مع السيد فيصل فقيه، رئيس مجلس إدارة شركة بن فقيه العقارية وأحد أبرز رجال الأعمال في مملكة البحرين. تطرق الحديث إلى واقع السوق العقاري في مملكة البحرين، وضع النشاط الاستثماري سواء من قبل المستثمرين الأجانب أو المستثمرين البحرينيين، بالإضافة إلى خطط شركة بن فقيه للمستقبل. وقد كشف السيد فيصل فقيه خلال الحديث عن رؤيته لواقع السوق وتوقع تحركاته في المستقبل، وأرسل رسائل هامة لكل من المطورين العقاريين الذين يعملون في البحرين والمستثمرين سواء الحاليين أو الذين يفكرون في الاستثمار في عقارات المملكة. إليكم ما دار في المقابلة:

السيد فيصل فقيه

سوق البحرين العقاري

في البداية نود أن نسألك، ما هي خصائص سوق البحرين العقاري التي تميزه عن الأسواق العقارية الأخرى في المنطقة؟

سوق البحرين سوق مستقر لا توجد به قفزات مفاجئة تخيف المستثمرين، بل تنمو نموا بطيئا. البحرين بلد صغير وهي مركز جذب للمستثمرين الخليجيين نظرا لموقعها الإستراتيجي بالقرب من المملكة العربية السعودية وقطر والكويت. كما أن البحرين غير مفتوحة كليا للأجانب والقوانين بها صارمة، وأكثر المشاريع بها مدروسة وجدية.

حجم مساهمة القطاع العقاري في إجمالي الناتج العام بالبحرين حوالي 5% مما يدلل على أن السوق مازال في طور النمو. علاوة على ذلك، كثير من المناطق الجديدة في البحرين مازالت تحت الإنشاء. على سبيل المثال، 80% من مساحة مشروع ديار المحرق مازالت تحت التطوير، دلمونيا 85% من الأرض خالية، الريف ودرة مارينا كذلك. هذه المشاريع تنمو نموا تدريجيا.

نرى السوق العقاري الآن في وضع أضعف مما كان عليها في 2014 وبداية 2015، فما هي أبرز المعوقات التي تراها تعيق عملية نمو القطاع العقاري في البحرين؟

هناك أشياء مهمة يجب أن تقوم بها الحكومة. البحرين تحتاج أن يتم الإعلان عنها في الشرق الأوسط كمركز لجذب الاستثمارات سواء في العقار أو القطاعات الاقتصادية الأخرى. اليوم دبي تعمل بقوة في هذا الاتجاه، البحرين بها فرص كثيرة أيضا لكننا لم نستطع إلى الآن أن نوصل رسالة قوية عن البحرين بالخارج. الحكومة عليها أن تدعم القطاع وتنقل صورة إيجابية عن سوق البحرين للخارج. أما

عن النزول، البحرين هي أقل دول الخليج تأثرا بأزمة تراجع أسعار النفط، لكن أسباب ضعف السوق حاليا معروفة منها أزمة أسعار النفط بالطبع، الحالة السياسية في المنطقة، وغيرها مما جعل المستثمرين أكثر حذرا. الناس تتجه الآن إلى إيداع أموالهم في البنوك للبحث عن الأمن والأمان، لكننا في البحرين يمكننا أن نكسب ثقة المستثمرين في المنطقة بسهولة لأننا أقل دول الخليج تأثرا، نحتاج فقط الدعاية القوية.

أعطيكم مثالا آخر، السوق المصرية بها قوة شرائية ضخمة، لكنهم إلى الآن لا يعرفون عن الفرص الاستثمارية في البحرين. كذلك قياسا أيضا على المملكة العربية السعودية، تجد أهل المنطقة الشرقية على دراية بالبحرين بالطبع، لكن أهل الرياض والمنطقة الغربية يعلمون عنها بدرجة أقل. الكويت يحبون الاستثمار في البحرين، لكننا في الفترة الأخيرة قصرنا قليلا في الإعلان عن مميزات البحرين. اعتقد في المستقبل القريب الحكومة ستعمل بجدية أكبر لخلق فرص للمستثمرين وتهيئة مناخ مناسب للعمل، ونرى حاليا أدلة على ذلك مثل مشروع تطوير مطار البحرين الدولي الذي سيزيد حجم استيعابه 3 مرات، كذلك دخول شركات جديدة للبحرين مثل شركة أمازون والتي ستفتح الباب للمزيد من الشركات الأخرى. أنا متفائل بسوق العقار وأرى أنه علينا أن نحاول البحث دوما عن التميز والابتعاد عن التقليد. أي أن يقوم المستثمرون بتفصيل أفكار استثمارية جديدة ومميزة تلائم كل شرائح المشترين.

قطاع التجزئة في البحرين قطاع قوي وبه العديد من الفرص، هل تفكر شركة بن فقيه التوجه للاستثمار في هذا القطاع؟

أرى أن سوق التجزئة في البحرين في اعتقادي لا يحتاج إلى المزيد من مجمعات التجزئة. نحتاج أن نخلق قوة شرائية أولا قادرة على استيعاب هذه المجمعات الجديدة التي يتم العمل عليها.

لكن في رؤيتنا إذا فكرنا يوما في سلوك هذا الاتجاه سنختار الميني مول أو المجمعات التجارية المصغرة التي تتكون من طابقين أو ثلاث طوابق على الأكثر وتخدم المواطنين في أماكنهم السكنية الخاصة بهم. الميني مول سيحتوي على جميع وسائل الراحة والترفيه وسينما وبعض المحلات التجارية التي يحتاجها المواطنون في مناطقهم بالإضافة إلى عدد من المطاعم.

الملاحظ أن القطاع السياحي في البحرين لا ينمو بالشكل المطلوب، كما نرى تراجع في أعداد السياح خصوصا بعد تراجع أسعار النفط، فهل أثر هذا على شريحة العملاء المستهدفة في بن فقيه؟ هل أصبح هناك تركيز أكبر مثلا على المواطنين؟

منذ البداية توجهنا في بن فقيه على الذهاب إلى المستثمرين وليس انتظارهم. طموحنا أن يكون عندنا مكاتب تمثيلية في جميع دول مجلس التعاون الخليجي بلا استثناء. كما نخطط أن يكون لنا حضور على مستوى الشرق الأوسط خلال عام أو عامين بالأكثر. لا أرى أن هناك ما ينقصنا لافتتاح مكاتب عالمية أيضا، نرى ذلك في دبي مثلا هناك شركات عقارية لديها مكاتب في الهند وروسيا، لماذا لا نقوم بأمر مماثل؟ الأمر يحتاج دراسية ويحتاج أيضا ملف عقاري قوي وجذاب يقنع المستثمرين. بن فقيه هي الشركة الوحيدة في البحرين التي تخطط للذهاب للعالمية، نحن نريد الذهاب إلى المستثمرين في أماكنهم. أما عن شريحة البحرينيين فهم دائما أولوية  بالنسبة إلينا، فنحن نقدم لهم أول فرصة، بعد ذلك ننشر لعملائنا على مستوى الخليج.

حركة الاستثمار العقاري بالمملكة

في تحليل أخير لشركة ويتاس، وجدنا أن استثمارات المواطنين العقارية هي المحرك الرئيسي للقطاع العقاري في البحرين، هل قدمتم منتجات عقارية لا تصلح إلا للبحرينيين؟

يوجد لدينا بعض المشاريع في المناطق المغلقة. في البداية كان توجه الشركة التسويقي هو استهداف المستثمرين السعوديين، وكثير من البحرينيين كانوا متخوفين من قدرة الشركة المادية على الإيفاء بوعودها وتسليم المشاريع، لكن مع تطور الشركة انتهت هذه الأزمة وزادت ثقة البحرينيين فينا. اليوم الشريحة الأكبر من المستثمرين لدينا هم البحرينيين. الدليل على ذلك مشروع سدرة في ديار المحرق، المشروع متاح للتملك الحر لكننا أتحنا المرحلة الأولى منه للبحرينيين فقط.

تراجعت قيمة التداولات العقارية في 2015 و2016 عما كانت عليه في 2014، ما هي برأيك أسباب الهبوط؟

أسباب الهبوط تعود في الأساس إلى دخول الكثير من المطورين وزيادة حجم العرض عن الطلب. أتذكر في أعوام 2012 و2013 و2014، لم يكن هناك مطورون كثيرون. لكن في الفترة الماضية استعاد الكثير من المطورين الثقة مما أدى إلى دخول مجموعة كبيرة منهم في وقت واحد، مما أدى إلى حالة من التخمة، بالإضافة إلى عوامل أخرى من بينها أسعار البترول وغيرها.

هل يمكن أن يقل الارتباط في المستقبل بين النفط والعقار في منطقة الخليج؟

لا اعتقد لأننا تربينا على النفط، يتطلب الأمر الكثير من الوقت لتحقيق التوازن.

توجهات شركة بن فقيه في الفترة القادمة

ما توجهات شركة بن فقيه في ظل الأوضاع الحالية؟

تغلبنا في بن فقيه على العديد من التحديات حيث سلمنا 31 مشروع وأكثر من 2000 وحدة سكنية. توجهنا الحالي هو أن نصبح شركة معروفة على مستوى الخليج، كما نستهدف في عام 2020 أن ندخل أسواق الهند وروسيا والدول الأخرى التي يوجد لديها توجه للاستثمار في الخليج.

بدأنا بمكتب مبيعات في البحرين اعتمدنا عليه في كل عمليات البيع، اليوم لدينا 3 مكاتب في السعودية، مكتب في قطر، والآن نستعد للذهاب إلى موسكو، كما أننا بصدد افتتاح فرع في الكويت خلال أيام.

هل هناك مشاريع جديدة في مخطط شركة بن فقيه سيتم طرحها قريبا؟

حاليا نفكر في التوقف عن طرح أي مشروع جديد حتى الربع الثاني من عام 2018. ليس تخوفا من وضع السوق ولكننا نريد التركيز على إنهاء المشاريع التي مازالت تحت الإنشاء وأهمها مشروعي واترباي وليان. المشاريع الجديدة التي سنقوم بطرحها في المستقبل مدروسة وأفكارها جديدة لم يتم عرض شئ مثلها من قبل، وتستهدف فئات جديدة من المستثمرين أهمهم الشباب.

هل تفكر في تطوير مشروع سياحي؟

نحن الآن نعمل على مشروع ليان ليكون وجهة سياحية مثالية لقضاء عطلة نهاية الأسبوع. المشروع سيكون متكامل ليناسب جميع متطلبات العائلة وقد وفرنا فيه كل شئ ليكون ملائم لجميع أفراد العائلة. واعتقد أنه سيكون مميز وسيقدم فكرة جديدة تطرح لأول مرة على مستوى العالم.

السيد فيصل فقيه ، هل تتوقع أن تصبح البحرين دبي أو سنغافورة في المستقبل؟ وما هي المقومات التي تتميز بها البحرين عن هذه الدول؟

إجابة على الشق الثاني من السؤال، البحرين دولة سهلة لتأقلم المستثمرين لأنها سوق صغير، وهذا ما يميزنا. أما عن منافسة الدول الأخرى فنعم نستطيع لكننا نحتاج إلى رؤية. كما أن المستثمر في البحرين يحتاج إلى تثقيف، فبدلا من التقليد وإقامة مشاريع نمطية، يفضل إقامة مشاريع مدروسة. في بن فقيه، كنا أول شركة تطور في جزيرة دلمونيا وبحرين باي، كما كنا من الأوائل المطورين العقاريين في جزيرة الريف ودرة مارينا. على سبيل المثال، مشروعنا “ذا تريجر” في جزيرة دلمونيا كان من أنجح المشاريع وحقق بيع سريع جدا. يظن البعض أننا شركة متهورة، لكننا نبني كل مشاريعنا على دراسات وتقديرات علمية. نحن الشركة الوحيدة التي تقوم بتطوير مشروع عقاري في منطقة بحرين باي على سبيل المثال. تصور منطقة بهذه الإمكانيات لا يوجد بها استثمارات عقارية، بينما هناك مناطق أخرى تعج بالمستثمرين وتعاني من تخمة في المعروض.  

نلاحظ أن هناك الكثير من المستثمرين حين تقوم بذكر سوق البحرين العقاري أول ما يتفتق في ذهنهم هو بن فقيه، ما هو سر هذه الثقة التي اكتسبتها شركة بن فقيه؟

توقيت بدايتنا في 2010 كان وقت صعب، الأسواق الخليجية كانت تعاني من تبعات الأزمة المالية العالمية، معظم الشركات كانت متخوفة من الاستثمار العقاري عموما. علاوة على ذلك، لم نوقف عمليات البناء أثناء الأزمة السياسية التي مرت بها البحرين في 2011. الفارق الرئيسي بيننا وبين الشركات العقارية الأخرى هي أننا استطعنا أن نجعل العقار صديق للمستثمر. طريقة تسويقنا تعتمد على الوصول بشكل مباشر إلى الأفراد بكافة شرائحهم ومستوياتهم. كما أن لنا نشاطات كثيرة في البحرين مثل مسابقة القرآن الكريم ونشاطات أخرى لتطوير المجتمع. هذا التواجد اكسبنا ثقة المستثمرين، كما أننا لم نتراجع أبدا عن إطلاق أي مشروع، ولم نتأخر أيضا في أي عملية التسليم. نحن سعيدون جدا بثقة أهل البحرين فينا ونعدهم بالمزيد من التطوير، ونتطلع إلى بناء علاقة ثقة قوية أيضا مع كل أهل مجلس التعاون الخليجي.

ما هي رؤيتك للربع الأخير من العام الحالي وعام 2018 في ظل القوانين الجديدة والظروف الحالية؟

أرى أن السوق مبشر، حققنا مبيعات قياسية في أكتوبر. النقطة المفصلية هنا هي الدعاية والإعلان والحضور في النشاطات الإجتماعية على الأرض بين الأهالي. أنا أدعو الشركات المطورة الأخرى للقيام بذلك، كما أدعوهم إلى انشاء أقسام تكميلية، فيجب ألا تعتمد الشركات على التطوير العقاري فقط، بل يجب إضافة أقسام أخرى مثل التسويق، المبيعات، خدمات ما بعد البيع، وغيرها بهدف تقديم خدمة متكاملة للمستثمرين وتشجيعهم على الاستثمار العقاري. تلخيصا للوضع، أنا متفائل جدا بالنسبة لوضع السوق واتوقع تحسن ملحوظ على المدى القريب.