النمو المتسارع لبيئة البحرين الإستثمارية:
على الرغم من أنها تعد إحدى أصغر دول العالم من حيث المساحة، إلا ان مملكة البحرين كانت ولا تزال تعد واحدة من أهم المراكز المالية والتجارية في العالم كله. ففي عام 2017، شهد الناتج الإجمالي المحلي للمملكة نمواً بلغت نسبته 3،9% وهو الذي جعل إقتصاد البحرين الأسرع نمواً ضمن جميع دول الخليج العربي في هذا العام.
ومما لا شك فيه أن إحدى أهم أسباب هذا النمو المتسارع هو الإستثمارات الأجنبية المتدفقة إلى مملكة البحرين والتي تجاوزت في عام 2017 حاجز ال730 مليون دولار. والجدير بالذكر هنا أن المملكة البحرينية قد تم إختيارها كأفضل مكان للعيش والعمل للمغتربين في العام نفسه طبقاً لإستطلاع رأي إكسبات إنسايدر 2017.
ولعل أهم ما يعكس تفضيل المغتربين للبحرين كمكان للعيش والعمل معاً هو حقيقة أن المغتربين يمثلون النسبة الأكبر من سكان مملكة البحرين ويتجاوز عددهم عدد مواطني المملكة بفارق واضح. لذا، فإنه من الآمن أن نقول إن الإستثمارات في البحرين تمثل الدعامة الأساسية لإقتصادها.
في هذا المقال، نناقش عدة عوامل وتغيرات أثرت وما زالت تؤثر على الإستثمار في البحرين.
تأشيرة الإقامة الجديدة:
لا يمكن لأحد أن ينكر الدور المحوري الذي تلعبه قوانين تأشيرات الإقامة في دعم الإستثمار في البحرين وفي دول الخليج بشكل عام وتأثيرها على حجم هذه الإستثمارات. ومن أجل دعم هذا الدور والإستفادة منه بأكبر شكل ممكن، فإن الحكومة البحرينية أعلنت أنها تدرس إصدار تأشيرة إقامة تصل صلاحيتها إلى 10 سنوات. ويأتي هذا عقب خطوات مماثلة تم إتخاذها من الإمارات العربية المتحدة وقطر بهدف التغلب على العوائق الإقتصادية التي حدثت كنتيجة لهبوط أسعار البترول في عام 2014 من ناحية، وتشجيع تدفق الإستثمارات الأجنبية إلى أسواق هذه الدول من الناحية الأخرى.
ولكي نفهم آثار تلك القوانين الجديدة بشكل أكبر ونتائجها المحتملة، لنلق نظرة سريعة على قوانين تأشيرة الإقامة الحالية في البحرين. في الوقت الحالي، تمنح معظم قوانين الإقامة الخاصة بدول الخليج العربي الحق للمغتربين في الحصول على تأشيرة يصل مداها إلى ثلاث سنوات قابلة للتجديد كحد أقصى. على الجانب الآخر، فإن تأشيرة الإقامة حسب القانون الجديد قد تصل مدتها إلى عشر سنوات قابلة للتجديد أيضاً.
القطاعات الاقتصادية غير البترولية في البحرين:
كما ذكرنا من قبل، فإن قطر والإمارات العربية المتحدة قد إتخذت خطوات مماثلة لتمديد فترات إقامة المغتربين بها ومن المتوقع أن تقر معظم دول الخليج العربي قوانين مماثلة في المستقبل القريب. ومن الجدير بالذكر أن قطر والإمارات قاما بإضافة مميزات أخرى لهذا القانون. فقد أعلنت الإمارات أنها ستمنح المستثمرين الأجانب حق تملك 100% من الشركات الإماراتية بينما أعلنت قطر أنها تخطط لمنح المغتربين تأشيرات إقامة لمدى الحياة.
قوانين مملكة البحرين الجديدة:
في عام 2017، وطبقاً لتقرير أصدره البنك الدولي، إحتلت مملكة البحرين المرتبة ال66 عالمياً في مؤشر سهولة إجراء وإدارة الأعمال. وبينما سجلت المملكة البحرينية مراكز متقدمة في عدد من المؤشرات المهمة مثل سهولة بدء الأعمال والحصول على تصاريح البناء والكهرباء، فإنها قد سجلت مراكز متأخرة في مؤشرات أخرى مثل مؤشر حماية المستثمرين الأقلية ومؤشر الحصول على الإئتمان.
لمعرفة المزيد، تفضل بزيارة الرابط التالي لمقالنا عن العوائق التي تواجهها بيئة الإستثمار في البحرين.
لكن يجب الإشارة هنا إلى أن الحكومة البحرينية قد بدأت بالفعل في إتخاذ العديد من الخطوات والإجراءات التي من شأنها التغلب على هذه العوائق. وأهم هذه التغييرات والخطوات تعد إطلاق هيئة البحرين لتنظيم العقارات (ريرا) في شهر مارس من عام 2018.
وقد تم إنشاء وإطلاق ريرا بهدف مراقبة والإشراف على سوق العقارات البحريني والذي يعد أحد أهم القطاعات الإقتصادية في المملكة. عبر تنظيم ومراقبة الإستثمارات العقارية البحرينية وفحص شكاوى المستثمرين والتعامل معها وتزويد العاملين في السوق العقاري بأحدث البرامج التدريبية الخاصة بالمجال، إتخذت ريرا عدد من الخطوات المحورية لتحقيق هدفها في خلال الأشهر القليلة الأولى من إطلاقها (بإمكانك زيارة الرابط التالي لقراءة المزيد عن التطورات التي قامت ريرا بإحداثها في سوق العقارات البحريني في خلال الربع الثاني من عام 2018).
قطاعات مملكة البحرين الإقتصادية الغير بترولية:
كما ذكرا من قبل، فإن الناتج المحلي الإجمالي للبحرين قد إزداد في عام 2017 بنحو 3،9%. ويأتي هذا كدليل جديد على قدرة المملكة على الحفاظ على معدل النمو الثابت الخاص بها على مدار السنوات الماضية ففي عام 2017 وصل المعدل إلى 3،6% بينما في 2016 بلغ معدل النمو 3،2%.
ويعود معدل النمو المتسارع هذا إلى تركيز الحكومة البحرينية على تطوير القطاعات الإقتصادية الغير بترولية بها والتي تشارك بأكثر من 80% من الناتج المحلي الإجمالي للمملكة والتي قد شهدت نمواً بلغت نسبته 5% في عام 2017. وقد نتج هذا النمو عن توسع قطاعات عديدة مهمة في الإقتصاد البحريني مثل قطاع السياحة والضيافة الذي نما بنسبة 9،5% وقطاع العقارات الذي نما بنسبة 5،5% وقطاع الخدمات المالية الذي نما بنسبة 5%.
مستقبل الإستثمار في البحرين:
مع كل التغييرات والتعديلات التي تشهدها بيئة الإستثمار في البحرين، فإنه من المتوقع أن يستمر الإقتصاد البحريني بكافة قطاعاته وصناعاته في الحفاظ على معدل نموه الثابت خلال السنوات القادمة.
لكن ينبغي أن ننبه هنا إلى نقطة هامة للغاية وهي طبيعة منطقة الخليج العربي التنافسية فيما يخص جذب الإستثمارات الأجنبية، حيث أنه ليس فقط من الهام أن تقوم المملكة البحرينية بتطوير حلول لعوائق ومشاكل الإستثمار المتواجدة بها حالياً، بل يجب أيضاً إتخاذ خطوات وتبني مبادرات وبرامج مبتكرة تهدف بشكل أساسي إلى التعزيز من ميزتها التنافسية وسط باقي دول مجلس التعاون الخليجي التي تسعى إلى نفس الهدف.
على سبيل المثال، نعيد ذكر المثال الخاص بالقانون الجديد لتأشيرة الإقامة في الإمارات العربية المتحدة والذي سوق يقوم بتمديد فترة الإقامة إلى عشر سنوات قابلة للتجديد، حيث أن الإمارات لم تكتف بذلك، بل أعلنت أنها سوف تمنح المستثمرين الأجانب الحق في تملك الشركات الإماراتية بنسبة تصل إلى 100%.
لا يوجد أي شك أن العام 2018 كان حتى الآن عاماً حافلاً بالتغييرات التي من شأنها تطوير الإقتصاد البحريني بشكل كبير وواضح، لهذا فإنه من المتوقع أن نسمع عن المزيد من التغييرات المخطط إحداثها في المستقبل القريب.