دلمون… أرض الفردوس… لؤلؤة الخليج… كلها أسماء حملتها مملكة البحرين عبر تاريخ عريق تمحور على كونها مركزا تجاريا ظل ينبض بالحياة عبر القرون. يظن الكثيرون أن تاريخ هذه الدولة ينحصر في العقود الأربعة الأخيرة منذ أن أعلنت استقلالها. ولكن الحقيقة هي أن تاريخ البحرين يعود إلى القرن الثالث قبل الميلادفي عام 1860 ظهر اسم دلمون لأول مرة في أماكن عدة حول العالم، الاسم الذي كان قد اختفى واندثر لآلاف السنين. 

وظل مكان وجود هذه الحضارة القديمة يحير العالم حوالي قرن بأكمله، إلى أن قام فريق آثار دنماكري بحفريات في أراضي البحرين في خمسينيات القرن العشرين. واتضح بشكل أكيد أن البحرين كانت هي بالفعل دلمون القديمةفقد عثر الفريق الدنماركي على دليل وجود مستوطنة عمرها أربعة آلاف سنة في منطقة قلعة البحرين. واتضح أن غالبية التلال الأثرية المخصصة كمدافن – والتي يصل عددها إلى عدة آلاف – كانت تنتمي إلى حضارة أصيلة ازدهرت وانتعشت في حوالي العام 2000 قبل الميلادومن ثم امتدت حفرياتهم الأثرية لكي تشمل بعض المناطق المجاورة وتبدأ معها رحلة البحث عن الآثار في منطقة الخليج العربي.

مدن البحرين القديمة

البحرين

كشفت البعثة الدنماركية عن ست مدن تاريخية اقيمت الواحدة فوق الأخرى في موقع قلعة البحرين. وتمكن الخبراء من تحديد ثلاث مدن رئيسية لدلمون حصرت تاريخيا في الفترة ما بين 2800 و 325 ق.م. واكتشفت مدينة رابعة تمزج بين حضارات الشرق والغرب وتعود إلى الفترة ما بين 325 ق.م و 622 م. ومدينة خامسة تعود إلى الفترة الإسلامية بين 622 و 1400م. كما تم العثور على مجموعة كبيرة من الآثار والرسائل في البحرين والمناطق المحيطة بها التي تشير كلها إلى أن هذه البلاد كانت أحد المراكز التجارية البارزة قديما.

 وهناك العديد من الآثار لمعاملات تجارية تثبت أنها كانت مقصدا للتجار من بلاد ما بين النهرين. حيث كانوا يأتون للحصول على كل انواع البضائع الموجودة التي اشتهرت هذه المنطقة تحديدا ببيعها. منها البضائع الأساسية مثل النحاس والأخشاب، وأخرى كمالية مثل الأحجار الكريمةوكانت الأساطير القديمة تصف البحرين قديما بأنها أرض الفردوس التي حباها الله بوفرة من الماء العذب. وقد وفرت لنا كل من هذه المدن معلومات كافية لإظهار تاريخ البحرين الطويل والغني. على الرغم من أن المنطقة لديها ثقافة مختلفة عن العصر الحديث في البحرين، فإن البقايا قدمت دليلا آخر على مجد الأرض.

المدينة الأولى: 2800 – 1800 قبل الميلاد

البحرين

تضم هذه المدينة فترتين زمنيتين هما الفترة الأولى من 2800 إلى 2300 ق. موالفترة الثانية التي عرفت بدلمون الأولى ويرجع تاريخها للفترة ما بين 2300 و 1800 ق.موتم اكتشاف نحو 150 ألف من المدافن المبنية في الجزيرة على مدار 500 عام. ودلت الآثار على وجود روابط قوية بين دلمون والقطيف والظهران في المملكة العربية السعودية الحالية، وفيلكا في الكويت، وأم النار في دولة الإمارات العربية المتحدة.

المدينة الثانية: 1800 – 750 قبل الميلاد

البحرين

تضم هذه المدينة، والتي استمرت في الفترة من 1800 إلى 750 قبل الميلاد، فترة دلمون المتوسطة حيث كانت حضارة دلمون في أوج ازدهارها. ويؤكد المؤرخون أن عدد سكان مدينة قلعة البحرين في ذلك الوقت وصل إلى سبعة آلاف نسمةولعبت المدينة دورا نشطا في التجارة والعلاقات الخارجية مع الحضارات الأخرى العريقة في هذه الحقبة. وتبقى آثار هذا النمو الحضاري من خلال المباني الضخمة الموجودة إلى يومنا هذا.

المدينة الثالثة: 750 – 325 قبل الميلاد

البحرين

بنيت هذه المدينة في فترة دلمون المتأخرة وعلى الرغم من أن المدينة دامت لأقصر فترة زمنية من كل المدن الخمسة، تم العثور على ما تبقى منها من مباني، من أهمها قصر يسمى “قصر اوبيرى”كما تم اكتشاف مجموعة من الأواني الفخارية ومجموعة من التوابيت المستخدمة كمدافن.

المدينة الرابعة: 325 ق.م – 622 م

البحرين

بنيت هذه المدينة في فترة تايلوس التي تعتبر مزج لمجموعة من الحضارات الشرقية والغربية والمحليةوتم اكتشاف مجموعة من الغرف المبنية بالحجارة بالإضافة إلى مجموعة من العملات الفضية التي تعود إلى فترة حكم إسكندر المقدوني.

المدينة الخامسة: 622 – 1400 م

البحرين

تعود هذه المدينة إلى الفترة الإسلامية وقد تم اكثساف مجموعة من المباني المبنية بالحجارة الصغيرة والممسوحة بمادة الجص في هذه المدينة. وتمثل هذه المباني منازل صغيرة يتكون كل منزل من غرفتين وحمام ومدبسة وفناء. كما تم اكتشاف سوق مركزي يضم مجموعة من الدكاكين المتقابلة التي تمتد من الشرق إلى الغرب.

البحرين الحديثة

وقد أخذت مملكة البحرين الآن مكانة بين الدول التي تمتلك أفضل الاقتصادات في العالم. البحرين تنمو سريعا وبقوة، وهي مثال على السوق الحر الناجح. وعلاوة على ذلك، تفتخر المملكة بوجهات سياحية حيوية وسوق عقاري مزدهر. وبينما تتقدم البلاد نحو مستقبل أكثر إشراقا، تفتخر البحرين بتراثها الغني. في جميع أنحاء المملكة، لا تزال البقايا القديمة تجذب السياح من دول مجلس التعاون الخليجي المجاورة وعبر العالم.

تحميل التعليقات