يمكننا أن نتفق بسهولة على أن المملكة العربية السعودية قد شهدت العديد من التغيرات الغير مسبوقة التأثير في السنوات الأخيرة. هذه التغييرات التي كان من أبرزها تغييرات إجتماعية وإقتصادية حدثت بسبب أزمة هبوط أسعار البترول في عام 2014. وتردد صدى هذه التغيرات عبر جميع القطاعات الإقتصادية لأكبر ممالك شبه الجزيرة العربية، خاصة في السوق العقاري السعودي الذي يعد ثاني أكبر القطاعات في المملكة بعد قطاع النفط والصناعات البترولية.

 

منذ قرابة العام، قام فريق ويتاس بنشر تقرير عن توقعات أداء السوق العقاري لعام 2018. ولهذا، قررنا الآن أن نقوم بمراجعة ما تم بالفعل على أرض الواقع في السوق العقاري خلال العام الماضي. وسوف يتضمن هذا المقال أهم العوامل المؤثرة في السوق العقاري السعودي، حالتي العرض والطلب، وأداء السوق في مدينتي الرياض وجدة لكونهما أكبر مدن المملكة.

 

العوامل المؤثرة في أداء السوق العقاري السعودي:

1) نظام نطاقات:

نظام نطاقات

ويعرف أيضًا بإسم سياسات السعودة أو حركة السعودة. وكما يتضح من الإسم، يهدف نظام نطاقات إلى تقنين معدل البطالة لمواطني المملكة العربية السعودية عبر سعودة سوق العمل الذي كان يشغله المغتربين بشكل أساسي لعقود طويلة.

وقد قامت المملكة العربية السعودية بتنفيذ هذه السياسات من خلال محورين أساسين، أولهما تحديد حد أدنى لنسبة الموظفين السعوديين داخل كل شركة، وثانيهما فرض رسوم المرافق في عام 2017، والتي تلزم المغتربين العاملين في المملكة العربية السعودية بدفع رسوم إضافية عن كل مرافق غير عامل لديهم يعيش معهم في داخل المملكة.

 

ما هو تأثير سياسات السعودة على سوق العقارات السعودي؟
إذا أخذنا في عين الإعتبار أن المغتربين يمثلون الكتلة الأكبر من مستهدفي سوق العقارات المؤجرة في المملكة، فيمكننا أن نتفهم تأثير تنفيذ نظام نطاقات على معدلات إيجار الوحدات السكنية بالسالب في خلال عام 2018. إلى جانب ذلك، فإن هذه السياسات كان لها تأثير على مبيعات العقارات أيضًا.
للمزيد من التفاصيل حول هذا الموضوع، يمكنك زيارة الرابط التالي لقراءة مقالنا عن تأثير حركة السعودة على سوق العقارات السعودي.

 

2) المشاريع الجاري إنشاؤها:المشاريع الجاري إنشاؤها

في الوقت الحالي، هناك ما يقرب من 5200 مشروع عقاري في طور الإنشاء متفاوتة الأهمية والأحجام. وقد أوشكت بعض هذه المشاريع على الإنتهاء بالفعل بينما تقضي خطط تطوير بعض المشاريع الأخرى أن يتم تسليمها في خلال الأعوام القليلة القادمة.

 

مما لا شك فيه أن أبرز هذه المشاريع هي المشاريع المستقبلية الضخمة التي تتضمنها رؤية السعودية 2030 وتحديدًا مشروع مدينة نيوم العابرة للحدود والتي تصل قيمته الإجمالية إلى أكثر من 500 مليار دولار، ومشروع مدينة القدية الترفيهية ومشروع مدينة أمالا.

 

كيف سيؤثر هذا على السوق العقاري في السعودية؟

من الطبيعي أن تمثل كل هذه المشاريع الجديدة التي ما زالت تحت الإنشاء فرصة وتحدى جديدان لشركات الإنشاء والمقاولات العاملة في المملكة العربية السعودية، مما سوف يساعد على إنعاش وتنمية صناعة الإنشاءات السعودية ومن ثم السوق العقاري السعودي.

 

3) قطاع الترفيه:

قطاع الترفيهشهد قطاع الترفيه في المملكة العربية السعودية تطورات غير مسبوقة في خلال عام 2018 بسبب التغييرات التي طرأت على المناخ الاقتصادي والاجتماعي لها. وقد عُرفت المملكة العربية السعودية بكونها مجتمع محافظ لسنوات طويلة مما كان يحد من وجود بعض الصناعات بها. لكن بدأ هذا الأمر في التحول تدريجيًا كخطوة نحو تحقيق أهداف رؤية السعودية 2030.

وقد تجسد هذا التحول في عدد من المشاريع التي تم إطلاقها والإعلان عنها على رأسها دار أوبرا جدة إلى جانب مشاريع أخرى مثل سينما فوكس في الرياض وغيرها، بل أن المملكة العربية السعودية تستهدف إفتتاح ما يقرب من 350 سينما بحلول العام 2030 عبر جميع المدن السعودية. ولا ننس أيضًا إطلاق مشروع مدينة القدية الترفيهية الضخم والذي يهدف إلى أن يصبح أحد أهم المعالم الترفيهية في العالم عند الانتهاء من تطويره.

 

ومن الجدير بالذكر أن المملكة بدأت عام 2019 بكشف الستار عن مشروع أول مجمع ترفيهي في مدينة الرياض الذي تصل مساحة موقعه إلى حوالي 10 هكتار من الأرض والذي سوف يقع على تقاطع الطريق الدائري الشرقي وطريق الملك عبد الله.

 

كيف سيؤثر نمو قطاع الترفيه السعودي على السوق العقاري بالمملكة؟

 

من المؤكد أن تطوير وتنمية قطاع الترفيه في المملكة العربية السعودية سوف يكون له أثرًا إيجابيًا ملحوظًا على صناعة العقارات بها والاقتصاد ككل. فعلى سبيل المثال لا الحصر، من المتوقع أن تخلق مدينة القدية وحدها ما يقرب من 22000 فرصة عمل جديدة. كما أن هذا القطاع مرتبط بشكل مباشر بقطاعي السياحة والفنادق. فالمملكة العربية السعودية تتوقع استقبال حوالي 23 مليون سائح من جميع أنحاء العالم بحلول العام 2023.

 

4) فرض ضريبة القيمة المضافة:

 فرض ضريبة القيمة المضافة

في أول أيام عام 2018، قامت الحكومة السعودية بفرض ضريبة القيمة المضافة بنسبة 5% على السلع والخدمات.

ما هو تأثير فرض ضريبة القيمة المضافة على العقارات السعودية؟

عند الإعلان عن فرض الضريبة، أعرب الكثير من الخبراء عن قلقهم على تأثير هذه الضريبة على السوق العقاري السعودي خاصةً قطاع التجزئة حيث أنها بطبيعة الحال تؤثر سلبًا على القوة الشرائية لمواطني المملكة والتي ما زالت تتعافى من آثار أزمة أسعار البترول.

 

لكن الجدير بالكر أن ضريبة القيمة المضافة تم فرضها في المملكة العربية السعودية بنسبة تعد أقل من المعدل المتوسط لها الذي تفرضه كثير من الدول وهو 15%. بالإضافة إلى ذلك، تم إعفاء إيجارات الوحدات السكنية من هذه الضريبة، وفي حين أن هذه الضريبة قد تتسبب في إرتفاع أسعار بيع العقارات، فمن المتوقع أيضًا أن تقوم في نفس الوقت بالتسبب في إنخفاض معدلات إيجار العقارات في مدن المملكة.
يمكنك زيارة الروابط التالية لقراءة مقالاتنا عن تطبيق ضريبة القيمة المضافة وأيضًا أثرها على سوق السعودية العقاري.

 

5) صناديق الريت:

 صناديق الريت

تعد المملكة العربية السعودية من أولى دول منطقة الخليج العربي إتخاذًا لخطوة إنشاء صناديق الإستثمار العقاري المتداولة (صناديق الريت). وقد قامت المملكة العربية السعودية بإستخدام صناديق الريت بهدف إنعاش سوقها العقاري من آثار أزمة هبوط أسعار البترول التي حدثت في عام 2014 عبر تحفيز وتشجيع الإستثمارات العقارية.

 

كيف أثرت صناديق الريت على السوق العقاري السعودي؟

 

من الصعب أن نقوم بتحديد طبيعة تأثير صناديق الإستثمار العقاري المتداولة على عقارات السعودية إذا كان بالسلب أو الإيجاب في العام السابق، فمن ناحية، زادت العقارات المدرجة على صناديق الريت بنسبة 33% ووصلت قيمتها إلى أكثر من 3 مليار دولار لتسجل زيادة عن العام الأسبق بنحو 50%. لكن من ناحية أخرى، فإن مؤشر صناديق الريت هبط بنسبة 20% مع نهاية عام 2018

 

6) مشروع قطار الرياض:

مشروع قطار الرياضويعد هذا أكبر مشاريع البنية التحتية التي يتم تطويرها حاليًا في المملكة العربية السعودية، بل أن هذا المشروع، في واقع الأمر، سوف يكون أكبر شبكة مواصلات عامة في العالم عند الانتهاء منه.

يعيش في الوقت الحالي ما يقرب من 6 ملايين نسمة داخل العاصمة السعودية الرياض، ومن المتوقع أن يزيد هذا الرقم إلى حوالي 8 ملايين نسمة بحلول عام 2030. لهذا، فقد أصبح من الضروري تطوير نظام نقل جديد يستوعب هذا النمو.

ويصل إجمالي طول مشروع قطار الرياض إلى نحو 175 كيلومتر بينما تتجاوز تكلفته الإجمالية حاجز ال22 مليار دولار. وسوف يتكون القطار من 85 محطة موزعة على 6 خطوط تغطي جميع أنحاء المدينة. بالإضافة إلى ذلك، فإن شبكة القطارات تحت الأرض سوف يتم دعمها ب24 خط جديد لشاحنات النقل العام.

ومن المخطط أن يتم إفتتاح قطار الرياض بشكل جزئي في عام 2019 على أن يبدأ عمله بشكل كامل في عام 2021. وسوف يضم المشروع 190 قطار، منهم 45 قطار ذو أربع عربات بينما يتألف الباقي من عربتين.

كيف سيؤثر قطار الرياض على سوق العقارات في السعودية؟

كيف سيؤثر قطار الرياض على سوق العقارات في السعودية؟

تشتهر مدينة الرياض بكونها مدينة ذات كثافة سكانية عالية خاصة في مركزها حيث أن معظم سكانها لا يفضلون العيش في ضواحيها بسبب صعوبة الوصول إليها عن طريق المواصلات العامة. لكن إكتمال بناء مشروع مترو الرياض من شأنه أن يقوم بتيسير الوصول إلى هذه المناطق مما سيساهم في إنعاش سوقها العقاري وسوق مدينة الرياض ككل.

7) برج جدة ومدينة جدة الإقتصادية:

برج جدة ومدينة جدة الإقتصاديةيتم بناء برج جدة في الوقت الحالي لكي يكون أطول مباني العالم عند الإنتهاء منه في عام 2019 حيث أن إرتفاعه سوف يتجاوز حاجز الألف متر. وسوف يكون البرج مركز مدينة جدة الإقتصادية، وهي مشروع إستثماري وتجاري ضخم تتجاوز قيمته ال20 مليار دولار ويتم بناؤه على مساحة 2 ميل مربع من الأرض.

كيف ستؤثر مدينة جدة الاقتصادية على السوق العقاري السعودي؟

كيف ستؤثر مدينة جدة الاقتصادية على السوق العقاري السعودي؟
تهدف مدينة جدة الإقتصادية إلى دفع جدة إلى مصاف أهم المراكز التجارية في العالم كله. لكن من الجدير بالذكر أن مدينة دبي تقوم في الوقت الحالي ببناء مشروع برج خور دبي والذي سوف يكون أطول مباني العالم عند إفتتاحه في العام 2020 بالتزامن مع بداية معرض إكسبو دبي 2020 المرتقب.

 

8) برنامج سكني:

برنامج سكني

تم إطلاق برنامج سكني للإسكان الإجتماعي على يد وزارة الإسكان، وهو مبادرة تهدف إلى توفير إختيارات سكنية تناسب محدودي الدخل من مواطني المملكة العربية السعودية.

وفي العام الأول من إطلاقه، تم توفير 280000 منتج عقاري وتمويلي عبر برنامج سكني، وتضمن هذا حوالي 120000 وحدة سكنية تنوعت ما بين الوحدات الجاهزة والوحدات التي تم بيعها على الخارطة، و75000 قطعة أرض جاهزة للتطوير و85000 قرض تمويلي.

أما في عام 2018، نجح البرنامج في توفير أكثر من 300000 منتج عقاري وتمويلي.

كيف يؤثر برنامج سكني على السوق العقاري السعودي؟

برنامج سكني من شأنه أن يساعد بشكل كبير وملحوظ في ملء الفجوة بين العرض والطلب على الوحدات ذات الأسعار المناسبة لمحدودي الدخل في المملكة العربية السعودية.

9) توقعات السوق:

توقعات السوق

يصعب قياس هذا العامل في شكل رقمي، لكن لا يقلل هذا من أهمية توقعات سكان المملكة العربية السعودية. فعلى الرغم من إطلاق المملكة العربية السعودية للعديد من المبادرات التي تهدف إلى زيادة نسبة تملك المنازل إلى نحو %52 بحلول عام 2020، إلا أن نسبة غير قليلة من سكان المملكة تفضل تأجيل شراء العقارات لتوقعهم بأن تنخفض الأسعار أكثر من ذلك، مما يتسبب في حدوث حالة من الركود نوعًا ما.

 

العرض والطلب:


أ) العرض:

العرض

لم يشهد عام 2018 إكتمال العديد من المشاريع العقارية الكبرى في المملكة العربية السعودية، لكن مستوى العرض في السوق العقاري السعودي نما بشكل ملحوظ على أي حال.

فطبقًا لتقرير أصدرته مؤسسة جى إل إل العقارية، زاد عدد الوحدات السكنية المعروضة في مدينة الرياض للبيع بنحو 29000 وحدة في خلال عام 2018 ليصبح إجمالي عدد الوحدات السكنية المعروضة للبيع في العاصمة السعودية إلى حوالي 1.29 مليون وحدة سكنية. على الجانب الآخر، في سوق المكاتب الإدارية، نمت مساحة المكاتب المعروضة للبيع في الرياض بنحو 188000 متر مربع ليصل إجمالها إلى نحو 4.26 مليون متر مربع. أما بالنسبة محال التجزئة، فقد شهدت إضافة 98000 متر مربع ليتجاوز إجمالي المعروض منها في الرياض إلى أكثر من 2.1 مليون متر مربع.

 

أما بالنسبة لثاني أكبر مدن المملكة العربية السعودية، فقد شهدت مدينة جدة زيادة في عدد الوحدات السكنية المعروضة بها وصلت لحوالي 4250 وحدة. من ناحية أخرى، تم الإنتهاء من ما يقرب من 41000 متر مربع جديد من المساحات المكتبية في جدة في خلال عام 2018 لتصل المساحات المكتبية المعروضة للبيع إلى 1.05 مليون متر مربع في حين أن ازدادت مساحات التجزئة بحوالي 32000 متر مربع لكي يتجاوز مجموعها في جدة حاجز ال1.42 مليون متر مربع.

العرض

ب) الطلب:

الطلب

وصلت مبيعات السوق العقاري في المملكة العربية السعودية إلى أدني مستوياتها منذ عام 2014 في خلال العام الماضي. فطبقًا لتقرير قامت بنشره جريدة الإقتصادي الشهيرة، شهدت المملكة العربية السعودية صفقات بيع عقارات في خلال عام 2018 وصلت قيمتها الإجمالية إلى نحو 137 مليار ريال سعودي (36.5 مليار دولار أمريكي) في جميع القطاعات العقارية.

 

وأظهر هذا الرقم هبوطًا كبيرًا بنسبة 39% عن مبيعات سوق العقارات السعودي في عام 2017 والتي وصلت قيمتها إلى حوالي 224 مليار سعودي (60 مليار سعودي). وبالمقارنة بمبيعات عام 2014 هبطت مبيعات عام 2018 بنسبة 70%.

 

هذا وقد كان لقطاع الوحدات السكنية  النصيب الأكبر حيث تم بيع حوالي 186000 وحدة سكنية مقابل 25.8  مليار ريال سعودي (97 مليار دولار)، وهو ما يعد هبوطًا بحوالي 26000 وحدة عما تم بيعه في عام 2017 بقيمة 147 مليار ريال سعودي (39.2 مليار دولار).

على الجانب الآخر، تم بيع ما يقرب من 26300 وحدة تجارية في خلال عام 2018 مقابل 39.6 مليار ريال سعودي (10.5 مليار دولار)، لتسجل مبيعات الوحدات التجارية إنخفاضًا بحوالي 10000 وحدة عما تم بيعه في عام 2017 مقابل 77.3 مليار ريال سعودي (20.6 مليار دولار).

 

وطبقًا لتقرير مؤشر العقار العالمي الصادر عن مؤسسة نايت فرانك العقارية الشهيرة بخصوص الربع الثالث من عام 2018، فإن المملكة العربية السعودية صنفت في المرتبة ال57 والأخيرة من ضمن 57 سوق عقاري على مستوى العالم مما يجعل السوق العقاري السعودي أسوأ أسواق العقارات أداءً في هذه الفترة. ويأتي هذا بعد أن صُنف سوق العقارات في السعودية في المرتبة ال55 في نفس المؤشر الصادر عن الربع الثاني من عام 2018.

 

أداء السوق العقاري:

 

مؤشرات عامة:


كما كان متوقعًا، إستمر هبوط أداء العقارات في المملكة العربية السعودية عبر النصف الأول من عام 2018. ففي خلال النصف الأول من عام 2018، انخفضت قيمة المبيعات الكلية للعقارات التي تم بيعها داخل المملكة بنحو 33% من 122 مليار ريال سعودي في النصف الأول من عام 2017 إلى حوالي 81 مليار سعودي. واستمر صدى هذا الإنخفاض عبر النصف الثاني من العام.

 

لكن الجدير بالذكر أن عام 2018 شهد تحولًا ملحوظًا في اهتمام مطوري العقارات في السعودية ناحية المشاريع السكنية المناسبة لأصحاب الدخول المنخفضة، وقد كان هذا التحول ضروريًا لإشباع حالة الطلب المتزايد على مثل هذه الوحدات.

 

في الفقرة التالية، سنناقش مستوى أداء أسعار العقارات في أكبر مدينتين في المملكة العربية السعودية:

 

  1. الرياض:الرياض

    تعد مدينة الرياض أهم أسواق العقار المحلية في المملكة العربية السعودية لكونها العاصمة. وقد عانت معظم قطاعات السوق العقاري في الرياض من هبوط الأسعار خلال عام 2018 خاصةً قطاع التجزئة.
    إذا ما قمنا بمقارنة أداء السوق العقاري على أساس ربع سنوي، سوف نجد أن أسعار السوق السكني قد وصلت إلى حالة من الإستقرار النسبي في خلال عام 2018. على الجانب الآخر، إذا قمنا بمقارنة أسعار العقارات بين عامي 2017 و2018K، سنجد أن الأسعار استمرت في الهبوط على مدار العام لكن بمعدلات متباطئة.
    في الفقرة التالية، نلقى نظرة على أداء القطاعات الأساسية في السوق العقاري السعودي طبقًا لأحدث التقارير الصادرة عن مؤسسة جى إل إل العقارية:

    أ) الوحدات السكنية:
    خلال الربع الأول من عام 2018، شهدت أسعار الشقق في مدينة الرياض هبوطًا عن مثيلاتها في الربع الأخير من عام 2017 بنسبة 1.5% وبنسبة 3.2% عن أسعار الربع الأول من 2017. وسجلت الأسعار هبوط ربع سنوي آخر في الربع الثاني من 2018 بنسبة 1% وهبوط سنوي 3%، في حين لم يشهد الربع الثالث أي تغيرات على المستوى الربع سنوي بينما سجل انخفاضًا بنسبة 3% على المستوى السنوي.
    هذا ولم يختلف الأمر بشكل جذري بالنسبة لمعدلات إيجار الشقق في العاصمة السعودية، حيث شهد الربع الأول إنخفاض ربع سنوي بنسبة 0.9% وإنخفاض سنوي بنسبة 5.1%. أما بالنسبة لبقية العام، قلم تشهد معدلات الإيجار أي تغيرات ربع سنوية بينما سجلت هبوطًا سنويًا في الربعين الثاني والثالث بنسبة 4% و1% بالترتيب.
    على الجانب الآخر، وبسبب كون الفلل ذات أسعار أكثر إرتفاعًا بطبيعة الحال، فقد شهدت هبطت بنسبة أكثر حدة من نظرائها في الشقق، فقد تدنت أسعار الفلل في الربع الأول من عام 2018 بنسبة 2.2% و6% عن الربعين الرابع والأول من عام 2017 بالترتيب، واستقرت معدلات التغير الربع السنوي لأسعار الفلل على مدار بقية العام بينما شهدت هبوطًا سنويًا في الربع الثاني بنسبة 4% وفي الربع الثالث بنسبة 3%.
    على الجانب الآخر، هبطت معدلات تأجير الفلل في الربع الأول من عام 2018 بشكل ربع سنوي بنسبة 1.7% وبشكل سنوي بنسبة 5.1%، بينما استقرت معدلات التغيير الربع سنوية لبقية العام في حين هبطت عن معدلات عام 2017 بنسبة 4% و3% في الربعين الثاني والثالث.

    ب) الوحدات الإدارية:
    ظلت معدلات إيجار المساحات المكتبية مستقرة إلى حد كبير طوال عام 2018. في حين هبط معدل عدم الإشغال (نسبة المساحات المكتبية الغير مؤجرة من إجمالي المساحات المكتبية المعروضة في السوق) على مدار العام. حيث وصل معدل عدم الإشغال في الربع الأول من عام 2017 إلى 15% قبل أن يشهد هبوطًا سنويًا في الربع الأول من عام 2018 إلى 9% ومرة أخرى في الربع الثاني إلى نسبة 8% مسجلًا بذلك هبوطًا بنسبة 8% من عام 2017.
    من ناحية أخرى، حافظت المعدلات الإيجارية على استقرارها حيث لم تشهد أي تغييرات ربع سنوية أو سنوية على مدار عام 2018 فيما عد الربع الثالث الذي هبطت فيه إيجارات المساحات المكتبية بنسبة 4% عن الربع الثالث لعام 2017.

    ج) قطاع التجزئة:
    في خلال الربع الأول من عام 2018، إزداد معدل عدم الإشغال في مساحات التجزئة من 9% في الربع الأخير من عام 2017 إلى 10%، مسجلًا بذلك إرتفاعًا سنويًا بنسبة 2%. وظل معدل عدم الإشغال في حالة إزدياد عبر بقية عام 2018 حيث وصل إلى 12% في الربع الثاني و15% في الربع الثالث بزيادة سنوية بنسبة 3% و6% بالترتيب.

     

  2. جدة:

    جدة
    تعد مدينة جدة الواقعة على ساحل البحر الأحمر هي ثاني أكبر وأهم مدن المملكة العربية السعودية ومركز الترفيه والتجارة بها. بالإضافة إلى ذلك، فإنه من المتوقع لقطاع الترفيه في مدينة جدة أن يزدهر في السنوات المقبلة مع إفتتاح العديد من المشاريع الكبرى مثل دار أوبرا جدة وغيرها.


    أ) قطاع الإسكان:
    على غرار سوق الرياض العقاري، استمرت حالة هبوط الأسعار في عقارات مدينة جدة السكنية في خلال عام 2018. ففي الربع الأول، هبطت أسعار الشقق بنسبة ضئيلة عن الربع الأخير في عام 2017 تعادل 0.3% محققة بذلك هبوطًا بنسبة 5.6% عن الربع الأول من عام 2017.
    لكن زادت حدة هذا الإنخفاض في الربع الثاني من 2012 حيث هبطت الأسعار مجددًا بنسبة 4.3% عن الربع الأول، ليسجل إنخفاضًا سنويًا بنسبة 8.9%.  أما في الربع الثالث، هبطت الأسعار بمعدل 0.2% عن الربع الثاني وبنسبة 6.8% عن عام 2017.
    على الجانب الآخر مرت معدلات إيجار الشقق بنمط مشابه لأسعار الشراء، حيث أن الإيجارات تقلصت في الربع الأول من عام 2018 بنسبة 2.9% و4.7% مقارنةً بالربعين الأخير والأول من عام 2017 بالترتيب بينما شهد الربع الثاني إنخفاضًا عن الربع الذي سبقه بنسبة 2.5% وعن عام 2017 بنسبة 8.3%. لكن ازدادت حدة هذا الإنكماش في معدلات الإيجارات بدرجة ملفتة في الربع الثالث من عام 2018 حيث هبطت بنسبة 3.6% عن الربع الثاني مسجلة هبوط سنوي بنسبة 11.2%.

    أما بالنسبة للفلل، فقد هبطت أسعار البيع الخاصة بها بشكل أبطأ عبر عام 2018 حيث أنها في خلال الربع الأول تقلصت بنسبة 0.9% و4% بالمقارنة بالربع الأخير والربع الأول من عام 2017 بالترتيب، ثم هبطت بنسبة أكبر في الربع الثاني تعادل 2.9% عن الربع السابق و5.6% عن الربع الثاني من عام 2017 قبل أن تستقر بشكل كبير في الربع الثالث حيث سجلت هبوطًا طفيفًا عن الربع الثاني بنسبة 0.1% وعن عام 2017 بنسبة 6.9%.على الجانب الآخر،  هبطت إيجارات الفلل في الربع الأول من العام بنسبة 2.9% عن الربع الأخير في عام 2017 و4.7% عن الربع الأول من عام 2017 ثم بنسبة 3.2% في الربع الثاني عن الربع الأول ليسجل هذا انخفاضًا عن عام 2017 بنسبة 5.6% ثم مرت بانكماش أكبر يقدر ب3.4% في الربع الثالث عن الربع الثاني لتسجل هبوطًا سنويًا بنسبة 8.6%.

    ب) الوحدات الإدارية:

    مر قطاع الوحدات الإدارية بمدينة جدة بفترة صعبة خلال عام 2018، فعلى الرغم من أن مستوى العرض العام أعلى من مستوى الطلب، إلا أن هناك إرتفاع في حالة الطلب بالتحديد على الوحدات المكتبية صغيرة المساحة الذي لم يتم إشباعه بعد.
    على المستوى الربع سنوي، في الربع الأول من عام 2018، انخفض معدل عدم إشغال الوحدات الإدارية من الربع الأخير في عام 2017 بحوالي 2% ليصل ل18% وإن كان هذا يعد إرتفاعًا بنسبة 2% عن معدل الربع الأول من عام 2017 الذي وصل إلى 16%.
    هذا وقد إرتفع معدل الربع الثاني ليصل ل21%، مسجلًا إرتفاعًا ربع سنويًا بنسبة 3% وإرتفاعًا سنويًا بنسبة 5% قبل أن ينخفض بنسبة طفيفة تم تقديرها بنحو 1% في الربع الثالث ليصل ل20%، مسجلًا نموًا سنويًا بنسبة 3% عن نفس الفترة من عام 2017.
    ولم يختلف الحال كثيرًا بالنسبة لمعدلات إيجار المساحات المكتبية حيث وصل معدل انخفاضها الربع سنوي ل6% والسنوي ل12% في الربع الأول من عام 2018، ثم انكمش بنسبة أقل قدرت ب3.6% عن الربع الأول و12.6% عن نفس الفترة في عام 2017، بينما كانت معدلات إيجار الربع الثالث أقل من معدلات الربع الثاني بنحو 2% فقط مما جعلها منخفضة عن معدلات نفس الفترة من عام 2017 بنسبة 12%.

    ج) قطاع التجزئة:
    شهد الربع الأول من عام 2018 تحسنًا طفيفًا في معدلات عدم إشغال المراكز التجارية الإقليمية والإقليمية الكبرى عن نفس الفترة من عام 2017 وإن تباطأ معدل التغيير هذا على بقية العام.
    ففي النصف الأول من عام 2018، ظل معدل عدم إشغال مساحات التجزئة ثابتًا بدون تغييرات عن نهاية عام 2017 عند نسبة 7% وإن كان هذا هبوطًا بنسبة 4% عن معدل عدم إشغال النصف الأول من عام 2017 حيث كان معدل عدم الإشغال 11%.
    لكن اختلف الأمر في خلال النصف الثاني من عام 2018 حيث إزداد معدل عدم الإشغال في الربع الثالث إلى حوالي 10% وإن ظل هذا أقل من نسبة عدم الإشغال الخاصة بنفس الفترة من عام 2017 بحوالي 1%.
    أما بالنسبة لمعدلات الإيجار الخاصة بالمولات الإقليمية، فقد مرت بهبوط طفيف في الربع الأول قُدر بحوالي 3.3% عن نهاية عام 2017 و4.1% عن الربع الأول في عام 2017 قبل أن يستقر بدون أي تغيرات عبر بقية العام.
    على الجانب الآخر، لم تمر معدلات إيجار المولات الإقليمية الكبرى بأي تغييرات ربع سنوية أو سنوية في عام 2018 بإستثناء انكماشها في الربع الأول بنسبة 3.1% عن نفس الفترة من عام 2017.

 

 

مستقبل سوق العقارات السعودي:


لا يمكننا إنكار أن صناعة العقارات في المملكة العربية السعودية مرت بأسوأ عام لها في 2018 منذ حدوث أزمة أسعار النفط. لكن الكثير من الخبراء يرجحون أن هذه أقل نقطة سوف يصل لها السوق العقاري السعودي قبل أن يعاود النمو مرة أخرى في المستقبل.

 

على الرغم من جهود وزارة الإسكان السعودية لحل هذه المشكلة، فإن مشكلة عدم توافر العقارات السكنية المناسبة لأصحاب الدخول المتوسطة والمنخفضة ما زالت موجودة. من ناحية، فإن سوق العقارات السعودي يبدو مشبعًا بالعقارات الفاخرة، ومن ناحية أخرى فإن مستوى الطلب على هذه الطلبات يبدو أقل بكثير من مستوى العرض.

 

ويعود هذا الفارق بين العرض والطلب إلى عدة أسباب منها عدم تعافي القوة الشرائية لمواطني المملكة العربية السعودية بشكل كامل من آثار أزمة أسعار النفط وما تبعها.

 

ولا يختلف الأمر كثيرًا بالنسبة للقطاع التجاري والوحدات الإدارية، حيث أنه هناك حالة طلب متزايد غير مشبعة على الوحدات الإدارية الصغيرة المناسبة للشركات الناشئة والتي تعد جزءً مهمًا من آليات تحقيق أهداف رؤية السعودية 2030 التي تركز بشكل أساسي على تطوير وتنمية القطاعات الإقتصادية الغير بترولية في المملكة.

 

فمن أجل تحقيق هذا الهدف، من المتوقع أن تنشأ العديد من الشركات الجديدة العاملة في هذه الصناعات والقطاعات، ويأتي هذا بشكل موازٍ لمحاولات القطاعين العام والخاص في المملكة العربية السعودية لإعادة هيكلة سياسات السعودة لكي تكون ملائمة أكثر لحالة الاقتصاد السعودي في الوقت الحالي.

 

ختامًا، فعلى الرغم من أنه من الصعب أن نتوقع بشكل دقيق أداء السوق العقاري في المستقبل، فإنه من السهل أن نتوقع أن السنوات القادمة سوف تشهد تغييرات محورية وغير مسبوقة في السوق العقاري السعودي والاقتصاد السعودي بوجه عام.

 

تحميل التعليقات